في الذكرى الـ 25 لفيلم Interview with the vampire: الكثير من الدماء، الكثير من العذوبة
5 د
لا أعتقد أنّ أحدًا من جيل منتصف السبعينات وأوائل الثمانينات استطاع نسيان فيلم Interview whith the vampire أو مقابلة مع مصاص الدماء، الذي كان واحدًا من أبرز أفلام فترة التسعينات، والذي أثّر في فئة المراهقين والشباب على الأخص من وقتها وحتى الآن، رغم مرور 25 عامًا على إنتاج هذا الفيلم الرقيق الذي يحمل رُعبًا قُوطيًا أصيلًا ودراما غنّية بعاطفة في غاية الرقيّ.
لا شك في أنّ الفيلم يحمل قسوة ووحشية أفلام مصاصي الدماء المعتادة، ولكنّه في نفس الوقت يحمل رقة وعذوبة، من النادر وجودها في هذه النوعية من الأفلام، ربما رأينا بعضًا منها في سلسلة أفلام Twilight التي تم التركيز على الجانب الرومانسي فيها، ولكن في Interview with the vambire، لم يكن الأمر رومانسيًا بحتًا، بل كان إنسانيًا أكثر، فمنذ متى ومصاصو الدماء يشعرون بالذنب لقتلهم الأبرياء؟ هل شاهدناهم قبلًا يعانون وهم يقاومون فطرتهم التي تقتضي القتل؟ هذه هي فكرة الفيلم الفريدة، والتي تم تناولها بطريقة أكثر من رائعة.
حصل الفيلم على إعجاب الملايين من المشاهدين عند صدوره، وتلقّى مراجعات نقدية إيجابية كثيرة، كما ترشّح لجائزتي أوسكار وجائزتي جولدن جلوب في عام 1995. لذا، وإكرامًا منّا لذكرى الفيلم الطيبة التى تركها في نفوس الكثيرين منّا، دعونا نتذكر تفاصيل تخص الفيلم وصناعته وأبطاله أيضًا.
أقرأ أيضًا: نجوم بارزين في هوليوود قد لا تصدق أن سبق لهم المشاركة في أفلام الرعب
قصة الفيلم
الفيلم كما يبدو من اسمه يدور حول عالم مصاصي الدماء، ولكنّه قُدّم بشكل مختلف هذه المرة، لهذا شاهده وأحبّه الكثيرون حتى ممن لا يفضلون أفلام الـ Vampires، وسنعرف السبب لاحقًا عندما نتحدث عن نص الرواية الأصلي الذي بُنى على أساسه الفيلم.
يبدأ الفيلم بداية شيقة، حينما نرى صحفيًا في سان فرانسيسكو يسمع الاعترافات المُخزية لمصاص دماء حقيقي اسمه لويز، يعيش منذ مائتي عام، والذي يبدأ في سرد قصته الأليمة، التي تحول فيها من رجلٍ عادي، مُحطّم القلب، إلى مصاص دماء خالد، أكثر تَحطُّمًا.
عندما كان لويز بشريًا فانيًا، تمنى الموت، أراده بشدة عندما فقد زوجته وطفلته التي لم يرها أبدًا، ولكنه لم يستطع أن يُقدم على قتل نفسه، وعندها ظهر ليستات، مصاص الدماء الشرير الذي استطاع أن يُحوّل لويز إلى مصاص دماء خالد، ولكنّ ألم لويز لم ينتهِ، فقد أصبح مضطرًا أن يعيش أبد الدهر حاملًا روحه المعذبة معه، ومما زاد في بؤسه، شعوره بالذنب تجاه كل تلك الأرواح التي أزهقها، كي يستطيع أن يحيا هو.
كان ليستات يحمل كل شرّ وقسوة مصاصّي الدماء كما نعرفهم، والذي حاول بشتى الطرق أن يستميل لويز إلى جانبه، ليعيشوا حياة مستهترة، يُشبعون فيها رغباتهم ويسفكون فيها دماء الأبرياء بلا ذرة تأنيب ضمير، وحينما شعر ليستات بأنّه يفقد سيطرته على لويز الذي يقتله الشعور بالإثم، أحضر له الفتاة الصغيرة كلاوديا، وهي التي قام بتحويلها هي الأخرى إلى مصاصة دماء، كي تعيش معهما، وكأنّها طفلتهما التي ستجلب البهجة معها إلى حياتهما المُزرية. كانت هذه هي الخطوط الرئيسية لفكرة الفيلم، والذي ستأخذنا أحداثه فيما بعد لما هو أعمق وأكثر تشويقًا من ذلك.
ما بين الرواية والفيلم
الفيلم مبني على رواية للكاتبة آن رايس تحمل نفس الاسم، والتي تم نشرها قبل صدور الفيلم بفترة طويلة، في عام 1976. كتبت رايس أيضًا السيناريو الخاص بالفيلم، ورغم أجواء الفيلم المُقبضة التي تدور حول عالم مصاصي الدماء، إلا أنّ أسلوب آن العاطفي في الرواية وإبرازها للجانب الإنساني للشخصيات، أثّر في الكثير جدًا من قرّاء الرواية حول العالم.
يوجد هناك بعض الاختلافات بين الفيلم والرواية، من أهمها أنّ ليستات كان لديه دافعًا واضحًا لتحويل لويز إلى مصاص دماء، وهو طمعه في المال الذي يملكه لويز، كي يستطيع العناية بوالده المريض، وهو الشيء الذي لم يُذكر أبدًا في الفيلم، مما جعل الكثيرون من النقاد الذين لم يقرأوا الرواية، يظنّون أنّ انجذاب ليستات للويز كان بدافع الجنس، وأن المثلية الجنسية لعبت دورًا كبيرًا في الفيلم.
صناعة الفيلم
على عكس ما قد يبدو، ففيلم مقابلة مع مصاص الدماء Interview with the vampire لا ينتمي لأفلام الرعب بالدرجة الأولى، فهو أقرب إلى الدراما منه إلى الرعب، لأنه لا يهدف إلى أن يُخيف المشاهدين، والدليل على ذلك أن الفيلم يتناول جانب مصاصي الدماء، وليس جانب الضحايا المذعورين مثلًا، وهي الفكرة التي استخدمها مخرج الفيلم الأيرلندي نيل جوردن بذكاء واضح، فصنع لنا فيلمًا يجمع بين الرعب والدراما، أرضى محبي أفلام الرعب المعوي، كما أرضى المشاهدين ذوى النفوس المُرهفة، الذين يُفضلون الأفلام التي تحمل بداخلها الكثير من المشاعر، وتجتذب العاطفة من داخل الصدور.
اختار المخرج جوردن كلا من النجمين براد بيت وتوم كروز كي يقوما بدور لويز وليستات على الترتيب، وكان اختيار توم كروز للعب دور الشرير، مفاجأة بالنسبة للكثيرين، حيث أنّه لم يُقدّم أدوار الشر من قبل أبدًا، وكانت على رأس المعترضين على هذا الاختيار، كاتبة الرواية آن رايس، والتي طالبت جوردن أن يقوم بعكس الأدوار، فيلعب براد بيت دور ليستات الشرير، ويلعب توم كروز دور لويز المُعذّب، ولكن جوردن أصرّ على قراره، والذي تبين للكل فيما بعد، أنّ نظرته كانت ثاقبة، بشهادة رايس نفسها بعدما شاهدت الفيلم.
قام النجم الأسباني أنطونيو بانديراس بدور جانبي ولكنه مهم، وهو دور أرماند، مصاص الدماء الجذّاب، ورئيس مسرح مصاصي الدماء في باريس، حيث يتظاهر مصاصو دماء حقيقيون بأنّهم ممثلون يقومون بأدوار مصاصي الدماء، وكانت مشاهد هذا المسرح وما يحتويه من عروض، من أصعب مشاهد الفيلم وأقساها.
أقرأ أيضًا: في عيد ميلاده الـ 25: كيف تحول فيلم جيم كاري الشهير The Mask من فيلم رعب إلى فيلم كوميدي؟
من أكثر الأدوار لفتًا للنظر في الفيلم أيضًا هو دور كلاوديا الفتاة الصغيرة التي قدمتها الطفلة وقتها كيرستين دانست، وهي الممثلة الشهيرة حاليًا، وهو الدور الذي جعلها تترشح لجائزة الجولدن جلوب بينما كان عمرها 12 عامًا فقط. برعت دانست في أدائها لدور مصاصة الدماء الصغيرة التي تحمل عقل امرأة ناضج في جسد طفلة لا تكبر أبدًا. كلاوديا التي لا تشبع من دماء البشر، والتي للأسف لا تشعر بالذنب كثيرًا لذلك، ولكن وجودها كان له عظيم التأثير في أحداث الفيلم.
الآن وبعد مرور 25 عامًا على صدوره، يُعدّ فيلم مقابلة مع مصاص الدماء من كلاسيكيات أفلام الدراما والرعب معًا، والذي يحمل نكهة خاصة جدًا من الصعب أن تتكرر، فهل من الممكن أن نرى مُجددًا كل هذه العذوبة والرقة، في فيلم يحمل هذا الكمّ الكثير من الدماء؟ لا أعتقد.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.